"الوداع"
أن تعشق الصباح,,,,,,,,,وتحدث البلابل والطيور ,,,,,وتشاركهم التغريد والافراح,,,,,أن تذوب في مزيج من المشاعر التي يعجز عن وصفها الواصفون ,,,,,أن تتلألأ عيناك بدمعات حائرات ,,,,أن تغمرك سعادة تشعر بسريانها بين الشرايين والثنايات,,,
ولكن,,,,,,,
أن تأتي غيمة كبيرة وسط السماء الزرقاء ,,,,,أن تصمت البلابل وتختفي الزهور اليانعات ,,,أن تتساقط,,,أن تتساقط الامطار,,,,وتتساقط الامال العريضات,,,,فتنكسر وتتساقط أجزاؤها علي صخرة الواقع المؤلم,,,وتنفرط السلسلة التي ظن صاحبها أنها صنعت من الدوام,,,,,,,
أن يحيطك كل ذلك وأنت لا تحك ساكنا ,,,,
انه الوداع,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
أن تلوح بيديك معلنا انفصال الدمعة أخيرا عن العين فتتلوها الدمعات وراء الدمعات يتدافعن كأنهن أسيرات وقد حان وقت اطلاق السراح,,,,,,
انه الوداع,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
أن تقف امام من أحببت وتعرف انة اخر لقاء,,,أن تتمني أن يقف الزمان,,,أن يعود عقرب الساعة القاسي الي الوراء,,,,تمني ما شئت ,,,,فهل للانسان ما تمني؟
ويغادرك الأحبة وأنت ساكن,,,
ينقضي الليل ثم يطلع الصباح ثم يعود الليل وأنت ساكن,,,,
ثم تضطر حينئذ ان تصدق الحقيقة وترحل,,,,تجتر احزانك وتلملم جراحاتك وتجمع بقايا السلسلة التي ظننت حمقا انها صنعت من الدوام ,,,,,تلتفت يمينا ويسارا,,,تتيقن ألا تكون قد تركت شيئا من الذكريات,,,,تجمعها واحدة تلو الاخري ,ثم بشكل منمق تضعها فوق بعض في ذاكرة القلب تحاول ان تفسح لها المكان كي تحتوي قلبك الصغير ,,,وتجمع وتجمع وتنظر اليها بحسرة وألم ,,,تهذي بكلمات لا معني لها ولكنها تعني لك الكثير ,,,,تسقط دمعة كبيرة من عينيك فجأة ,,,تنحدر بسرعة كأنما تسري في واد عميق مداه فلا تشعر بها الا حينما تبلل يديك المنقبضة الي صدرك,,,,تشعر حينئذ بالاختناق ,,,لا تستطيع التنفس وكأنك في أعالي الجبال أو في اعماق بحر سحيق مداه ,,,تتلمس الهواء فلا تجدة,,,يحتويك سكون قاتل,,,تكاد ان تستمع لدقات قلبك البطيئة التي تدق في اصرار وانتتظام كأنها تعاندك علي غير رغبتك بالوجود والبقاء ,,,
ترتفع جفونك بصعوبة ,,,ترفع رأسك التي أثقلتها الهموم,,,,تنظر الي السماء المليئة بالمياة ,,,,تري السماء أكثر وضوحا بعدما تمسح عينيك,,,تطيل النظر الي السماء ,,,,شهيق ثم زفير حارق ,,,حتي تشعر انه لا جدوي ,,,,ولا محاله,,,
تجمع أمتعتك المعنوية ,,,ثم محاولات منك جاهدة أن تحرك الأقدام الراسخة رسوخ الجبال ,,,,كأنها تأبي الوداع ,,,تسألك برسوخها ألا ترحل,,,ثم تتحرك انت ,,,تمشي,,,تمضي,,,ثم تقل,,,وتقل,,,وتقل,,,,ثم تصبح نقطة بعيدة,,,,ثم تختفي ويبتلعك الطريق,,,,,,,
انة الوداع,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,